مدونة سامح العولقي

نحن نهتم بما ينفع الناس

الجزء الثالث من مدارج السالكين: الرضا، اليقين، التفويض، والإحسان

مقدمة الجزء الثالث من "مدارج السالكين"

غلاف كتاب مدارج السالكين

غلاف كتاب مدارج السالكين لابن القيم الجوزية

مقدمة الجزء الثالث

الحمد لله الذي جعل الرضا بقضائه سبيل السعادة، واليقين بوعده طريق النجاة، والتفويض له علامة الثقة، والإحسان غاية العبودية. والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الذي أرشدنا إلى منازل السالكين، وعلَّمنا كيف نرقى في مدارج القرب من الله تعالى.

أما بعد، فإن كتاب "مدارج السالكين" للإمام ابن القيم الجوزية يُعد من أعظم الكتب التي تتناول التزكية الروحية والسلوكية في الإسلام. وهو شرحٌ عميقٌ لقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، حيث يقسم المؤلف المنازل الروحية التي يمر بها السالكون إلى الله تعالى إلى ثلاثة أجزاء رئيسية.

المنازل العليا

في الجزء الثالث، يتناول ابن القيم المنازل العليا التي تمثل ذروة السير إلى الله. هذه المنازل هي: الرضا، اليقين، التفويض، والإحسان. وهي تمثل المرحلة الأخيرة في سير المؤمن إلى الله، حيث يتعلم كيف يرضى بقضاء الله، ويوقن بوعده، ويفوض أمره إليه، ويحسن عبادته.

أهمية الجزء الثالث

  • الرضا: هو قبول قضاء الله وقدره بحب وسكينة، دون تسخط أو تذمر.
  • اليقين: هو الإيمان الجازم الذي لا يتزعزع بالله ووعوده.
  • التفويض: هو تسليم الأمر كله لله مع الثقة الكاملة في حكمته.
  • الإحسان: هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

هدف الجزء الثالث

يهدف هذا الجزء إلى تعليم المؤمن كيف يكون عبدًا صالحًا، يعبد الله بإخلاص ويستعين به في كل أموره. فهو يقدم للمسلم أدوات عملية لترقية نفسه روحياً، من خلال التركيز على المنازل العليا التي تقربه من الله تعالى.

الخلاصة: الجزء الثالث من "مدارج السالكين" هو ذروة المنازل الروحية التي يصل إليها السالكون. فهو يعلم المؤمن كيف يكون عبدًا صالحًا، يعبد الله بإخلاص ويستعين به في كل أموره، مما يؤدي إلى تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.

منزلة الرضا

الرضا هو قبول قضاء الله وقدره بحب وسكينة، دون تسخط أو تذمر. الرضا هو أعلى درجات التسليم لله، حيث يرضى العبد بما قسمه الله له، سواء كان خيرًا أو شرًا في ظاهره.

أدلة الرضا من القرآن الكريم

  • قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].
  • وقوله: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119].

أدلة الرضا من السنة النبوية

  • حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له" [رواه مسلم].
  • حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا، وجبت له الجنة" [رواه الترمذي].

أهمية الرضا

  • السعادة: الرضا يجلب السعادة والطمأنينة، لأنه يعلم أن الله يدبر الأمور.
  • الأجر العظيم: الرضا عن الله يجلب رضا الله عن العبد، كما قال تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119].
  • النجاة من النار: الرضا هو طريق النجاة من النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا، وجبت له الجنة" [رواه الترمذي].

كيفية تحقيق الرضا

  • التفكر في حكمة الله: تذكر أن الله يعلم ما هو خير لنا، حتى لو كرهناه في ظاهره.
  • قراءة القرآن: القرآن يذكر بحكمة الله ورحمته، وقراءته تزيد من رضاك.
  • الدعاء: اطلب من الله أن يرزقك الرضا، كما قال تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10].
مقولة ابن القيم عن الرضا: "الرضا هو قبول قضاء الله وقدره بحب وسكينة، دون تسخط أو تذمر. فمن رضي بقضاء الله، وجد حلاوة الإيمان، وسعادة القلب."

منزلة اليقين

اليقين هو الإيمان الجازم الذي لا يتزعزع بالله ووعوده. اليقين هو الذي يجعل العبد يثق بأن الله سيُعوِّضه خيرًا، حتى في أحلك الظروف.

أدلة اليقين من القرآن الكريم

  • قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58].
  • وقوله: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].

أدلة اليقين من السنة النبوية

  • حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" [رواه البخاري ومسلم].
  • حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" [رواه مسلم].

أهمية اليقين

  • الطمأنينة: اليقين يجلب الطمأنينة للقلب، لأنه يعلم أن الله يدبر الأمور.
  • الأجر العظيم: اليقين بالله يجلب رضاه ومعيته، كما في الحديث السابق.
  • النجاة من النار: اليقين هو طريق النجاة من النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" [رواه مسلم].

كيفية تحقيق اليقين

  • التفكر في وعود الله: تذكر أن الله وعد بالخير لمن يتوكل عليه.
  • قراءة القرآن: القرآن يذكر بوعود الله، وقراءته تزيد من يقينك.
  • الدعاء: اطلب من الله أن يرزقك اليقين، كما قال تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10].
مقولة ابن القيم عن اليقين: "اليقين هو الإيمان الجازم الذي لا يتزعزع بالله ووعوده. فمن أيقن بالله، لم يخف من شيء، ولم يرجُ إلا الله."

منزلة التفويض

التفويض هو تسليم الأمر كله لله مع الثقة الكاملة في حكمته. التفويض هو الذي يجعل العبد يثق بأن الله سيُعوِّضه خيرًا، حتى في أحلك الظروف.

أدلة التفويض من القرآن الكريم

  • قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23].
  • وقوله: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].

أدلة التفويض من السنة النبوية

  • حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً" [رواه الترمذي].
  • حديث ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بال الله" [رواه الترمذي].

أهمية التفويض

  • الطمأنينة: التفويض يجلب الطمأنينة للقلب، لأنه يعلم أن الله يدبر الأمور.
  • الأجر العظيم: التفويض لله يجلب حفظه ومعيته، كما في الحديث السابق.
  • النجاة من النار: التفويض هو طريق النجاة من النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" [رواه مسلم].

كيفية تحقيق التفويض

  • التفكر في حكمة الله: تذكر أن الله يعلم ما هو خير لنا، حتى لو كرهناه في ظاهره.
  • قراءة القرآن: القرآن يذكر بحكمة الله ورحمته، وقراءته تزيد من تفويضك.
  • الدعاء: اطلب من الله أن يرزقك التفويض، كما قال تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10].
مقولة ابن القيم عن التفويض: "التفويض هو تسليم الأمر كله لله مع الثقة الكاملة في حكمته. فمن فوض أمره إلى الله، كفاه الله ما أهمه، ويسر له أمره."

منزلة الإحسان

الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. الإحسان هو أعلى درجات العبودية، وهو الذي يجعل العبد يسعى إلى التقرب إلى الله بكل ما يستطيع.

أدلة الإحسان من القرآن الكريم

  • قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128].
  • وقوله: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

أدلة الإحسان من السنة النبوية

  • حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" [رواه البخاري ومسلم].
  • حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء" [رواه مسلم].

أهمية الإحسان

  • القرب من الله: الإحسان يجلب القرب من الله، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128].
  • الأجر العظيم: الإحسان يجلب رضا الله، كما قال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].
  • النجاة من النار: الإحسان هو طريق النجاة من النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" [رواه البخاري ومسلم].

كيفية تحقيق الإحسان

  • التفكر في عظمة الله: تذكر أن الله يراك في كل حال، وأنه المطلع على سرائرك.
  • قراءة القرآن: القرآن يذكر بالإحسان، وقراءته تزيد من إحسانك.
  • الدعاء: اطلب من الله أن يرزقك الإحسان، كما قال تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10].
مقولة ابن القيم عن الإحسان: "الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فمن أحسن في عبادته، فقد بلغ أعلى درجات القرب من الله."

خلاصة الجزء الثالث

الجزء الثالث من "مدارج السالكين" هو ذروة المنازل الروحية التي يصل إليها السالكون. فهو يعلم المؤمن كيف يكون عبدًا صالحًا، يعبد الله بإخلاص ويستعين به في كل أموره، مما يؤدي إلى تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.



كل الحقوق محفوظه لمدونة سامح العولقي بالإشتراك مع مدونة قناتك2 

التعليقات (0)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إرسال تعليق