مدونة سامح العولقي

نحن نهتم بما ينفع الناس

بلوغ المرام للبيع: الأحكام الفقهية في معاملاتك التجارية

شرح باب البيع من كتاب "بلوغ المرام" لابن حجر العسقلاني



كتاب "بلوغ المرام من أدلة الأحكام" للإمام ابن حجر العسقلاني من أهم الكتب الفقهية التي تجمع أحاديث الأحكام مرتبة على أبواب الفقه.

باب البيع من الأبواب المهمة في الفقه الإسلامي، حيث ينظم المعاملات المالية ويضع الضوابط الشرعية للبيع والشراء.

أهمية باب البيع

البيع هو أحد أركان المعاملات في الإسلام، وقد نظمه الله سبحانه وتعالى بضوابط دقيقة لتحقيق العدل ومنع الغش والربا والظلم.

قال تعالى: "وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" [البقرة: 275].

أقسام شرح باب البيع

1. تعريف البيع وحكمه

البيع لغة: مبادلة مال بمال.
شرعاً: مبادلة مال مباح بمثله بطريق معتبر شرعاً.
حكمه: الأصل في البيع الإباحة، لكنه قد يكون:
- واجباً: كبيع المسلم ما يحتاجه لسداد دين لازم.
- مندوباً: كبيع سلعة تنفع الناس.
- حراماً: إذا كان البيع على بيع أخيك (النجش) أو بيع المحرمات.

"حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ)" [أخرجه ابن ماجه].

الشرح:
- الحديث يدل على أن الرضا ركن أساسي في البيع، وإذا انتفى الرضا (كالبيع بالإكراه) فهو باطل.
- حكم البيع الأصلي الإباحة، لكنه يتغير بحسب الأحوال:
  - الواجب: كبيع مال لسداد دين.
  - المحرم: كبيع الخمر أو بيع العينة.

2. شروط صحة البيع

النصوص من "بلوغ المرام":
"عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)" [متفق عليه].

الشرح:
- أركان البيع:
  1. الصيغة: الإيجاب (قول البائع: "بعتك") والقبول (قول المشتري: "اشتريت").
  2. العاقدان: يشترط فيهما:
    - البلوغ والعقل.
    - عدم الإكراه.
  3. المعقود عليه:
    - أن يكون مالاً مباحاً (لا خمر ولا خنزير).
    - أن يكون مقدور التسليم (لا يبيع طيراً في الهواء).

3. أنواع البيوع المنهي عنها

النصوص من "بلوغ المرام":
"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ)" [رواه مسلم].
"وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ)" [متفق عليه].

الشرح:
- بيع الغرر: كبيع السمك في الماء (لأنه مجهول).
- بيع الحصاة: كأن يرمي حصاةً فأي شيء تصيبه فهو بيعه.
- المزابنة: بيع الثمر على الشجر بتمر مجهول الوزن.
- بيع العينة: شراء سلعة بأجل ثم بيعها لنفس البائع نقداً بأقل (حيلة على الربا).

4. الخيارات في البيع

النصوص من "بلوغ المرام":
"عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ)" [متفق عليه].

الشرح:
- خيار المجلس: للبائع والمشتري فسخ البيع ما داما في مكان العقد.
- خيار الشرط: كأن يشترط البائع أو المشتري خياراً لمدة 3 أيام.
- خيار العيب: إذا وجد المشتري عيباً لم يُخبر به.

5. آداب البيع والشراء

النصوص من "بلوغ المرام":
"عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ)" [رواه الترمذي].

الشرح:
- الصدق: عدم كتمان عيوب السلعة.
- السماحة: عدم المغالاة في الربح.
- تحريم الحلف الكاذب: كقول البائع: "وحياتي اشتريتها بكذا".

هذه البنود الخمسة تمثل أساسيات البيع في الفقه الإسلامي كما جاءت في "بلوغ المرام"، مع التأكيد على:
- تحريم البيوع الغررية.
- اشتراط الرضا والمعرفة في المبيع.
- الحث على الأمانة في المعاملات.

الخاتمة

باب البيع من الأبواب الواسعة في الفقه الإسلامي، وقد جمع ابن حجر العسقلاني أهم الأحاديث التي تنظم المعاملات المالية وفق الشريعة.
من الضروري للمسلم أن يتعلم أحكام البيع ليتجنب الحرام ويحرص على التعامل بالحلال.

تنبيه: هذا شرح مختصر، وللتفصيل يمكن الرجوع إلى شروح "بلوغ المرام".

يتبع في الجزء القادم...


كتاب " بلوغ المرام" - الحافظ العلامه إبن حجر العسقلاني


بقلم: سامح محمد ناصر العولقي

كل الحقوق محفوظه لموقع مدونة سامح العولقي بالإشتراك مع مدونة قناتك2

التعليقات (0)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إرسال تعليق