مدونة سامح العولقي

نحن نهتم بما ينفع الناس

ملخص كتاب مدارج السالكين - الجزء الاول

مقدمة الجزء الأول من "مدارج السالكين"

ملخص كتاب مدارج السالكين - الجزء الاول

غلاف كتاب مدارج السالكين لابن القيم الجوزية

مقدمة الجزء الأول

الحمد لله الذي جعل الإخلاص أساس العبادة، والتوكل سبيل الرزق، والمحبة غاية القلوب، والخوف والرجاء ميزان الإيمان. والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الذي أرشدنا إلى منازل السالكين، وعلَّمنا كيف نرقى في مدارج القرب من الله تعالى.

أما بعد، فإن كتاب "مدارج السالكين" للإمام ابن القيم الجوزية يُعد من أعظم الكتب التي تتناول التزكية الروحية والسلوكية في الإسلام. وهو شرحٌ عميقٌ لقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، حيث يقسم المؤلف المنازل الروحية التي يمر بها السالكون إلى الله تعالى إلى ثلاثة أجزاء رئيسية.

المنازل الأساسية

في الجزء الأول، يتناول ابن القيم المنازل الأساسية التي تعتبر حجر الزاوية في بناء العلاقة مع الله. هذه المنازل هي: الإخلاص، التوكل، المحبة، والخوف والرجاء. وهي بمثابة الخطوات الأولى في طريق السير إلى الله، والتي بدونها لا يمكن للمؤمن أن يرقى إلى المنازل العليا.

أهمية الجزء الأول

  • الإخلاص: هو أساس قبول الأعمال عند الله، حيث يجب أن تكون العبادة خالصة لوجهه تعالى دون شرك.
  • التوكل: هو اعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار، مع الأخذ بالأسباب المشروعة.
  • المحبة: هي شعور القلب بالانجذاب نحو الله، والرغبة في التقرب إليه، والفرح بذكره.
  • الخوف والرجاء: هما جناحا الإيمان، حيث يجب على المؤمن أن يخاف من عقاب الله ويرجو رحمته.

هدف الجزء الأول

يهدف هذا الجزء إلى تعليم المؤمن كيف يكون عبدًا صالحًا، يعبد الله بإخلاص ويستعين به في كل أموره. فهو يقدم للمسلم أدوات عملية لترقية نفسه روحياً، من خلال التركيز على المنازل الأساسية التي تقربه من الله تعالى.

الخلاصة: الجزء الأول من "مدارج السالكين" هو الأساس الذي تُبنى عليه جميع الأعمال الصالحة. فهو يعلم المؤمن كيف يكون عبدًا صالحًا، يعبد الله بإخلاص ويستعين به في كل أموره، مما يؤدي إلى تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.

منزلة الإخلاص

الإخلاص هو أن يقصد المسلم بعمله وجه الله تعالى وحده، دون أن يشرك معه أحداً، سواء كان ذلك في العبادات أو الأعمال الدنيوية. الإخلاص هو أساس قبول الأعمال عند الله تعالى.

أدلة الإخلاص من القرآن الكريم

  • قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5].
  • وقوله: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر: 11].

أدلة الإخلاص من السنة النبوية

  • حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه" [رواه مسلم].
  • حديث أبي أمامة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتُغِيَ به وجهه" [رواه النسائي].

أهمية الإخلاص

  • الإخلاص هو أساس قبول الأعمال عند الله.
  • يجعل العمل خفيفاً على النفس لأنه يكون لله وحده.
  • يرفع درجة العبد عند الله لأنه يدل على صدق العبد مع ربه.

كيفية تحقيق الإخلاص

  • النية الصالحة: قبل كل عمل، حدد نيتك بأن يكون العمل خالصاً لوجه الله.
  • التفكر في عظمة الله: تذكر أن الله يراك في كل حال، وأنه المطلع على سرائرك.
  • الابتعاد عن الرياء: احذر من أن تعمل عملاً ليراك الناس أو ليمدحوك.
  • الدعاء: اطلب من الله أن يرزقك الإخلاص في أعمالك.
مقولة ابن القيم عن الإخلاص: "الإخلاص هو أن تخلص العمل لله، فلا تريد به إلا وجهه، ولا تشرك معه فيه أحدًا، لا من الخلق ولا من النفس ولا من الهوى. فإذا خلص العمل من هذه الشوائب، كان مقبولاً عند الله."

منزلة التوكل

التوكل هو اعتماد القلب على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار، مع الأخذ بالأسباب المشروعة. التوكل لا يعني ترك الأسباب، بل هو الجمع بين الأخذ بالأسباب والاعتماد على الله في النتائج.

أدلة التوكل من القرآن الكريم

  • قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23].
  • وقوله: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].

أدلة التوكل من السنة النبوية

  • حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً" [رواه الترمذي].
  • حديث ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله" [رواه الترمذي].

أهمية التوكل

  • يجلب الرزق والسعادة لأنه يعتمد على الله الذي بيده كل شيء.
  • يريح القلب من الهموم والقلق لأنه يعلم أن الله هو الذي يدبر الأمور.
  • يقوي الإيمان لأنه يدل على صدق العبد مع ربه.

كيفية تحقيق التوكل

  • الأخذ بالأسباب: لا بد من الأخذ بالأسباب المشروعة، لأن التوكل لا يعني ترك الأسباب.
  • الثقة بالله: يجب أن تثق بأن الله قادر على كل شيء، وأنه هو الذي يدبر الأمور.
  • الدعاء: اطلب من الله أن يرزقك التوكل عليه في جميع أمورك.
مقولة ابن القيم عن التوكل: "التوكل هو اعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار، مع الأخذ بالأسباب المشروعة. فمن توكل على الله حق توكله، كفاه الله ما أهمه، ويسر له أمره."

منزلة المحبة

المحبة هي شعور القلب بالانجذاب نحو الله تعالى، والرغبة في التقرب إليه، والفرح بذكره، والأنس بعبادته. المحبة هي أعلى درجات العبودية، وهي الغاية التي يسعى إليها كل سالك إلى الله.

أدلة المحبة من القرآن الكريم

  • قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165].
  • وقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].

أدلة المحبة من السنة النبوية

  • حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" [رواه البخاري ومسلم].
  • حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إني أحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض" [رواه البخاري ومسلم].

أهمية المحبة

  • هي أساس العبادة، فبدونها تكون العبادة جافة وخالية من الروح.
  • تجلب السعادة والطمأنينة، لأن العبد يشعر بالقرب من الله.
  • تجعل العبد يسعى إلى رضا الله في كل أعماله.

كيفية تحقيق المحبة

  • التقرب إلى الله بالطاعات: كلما أكثرت من الطاعات، كلما زادت محبتك لله.
  • التفكر في نعم الله: تذكر نعم الله عليك، واشكره عليها، فهذا يزيد من محبتك له.
  • قراءة القرآن: القرآن هو كلام الله، وقراءته تزيد من محبتك لله.
  • الدعاء: اطلب من الله أن يرزقك محبته، كما قال تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10].
مقولة ابن القيم عن المحبة: "محبة الله هي غذاء الروح، وقوت القلب، وشفاء النفس. من أحب الله، أحب كل ما يحبه الله، وكره كل ما يكرهه الله. فالمحبة هي التي تحرك العبد إلى الطاعة، وتصده عن المعصية."

منزلة الخوف والرجاء

الخوف والرجاء هما شعوران متلازمان في قلب المؤمن، حيث يخاف من عقاب الله ويرجو رحمته. الخوف يجعل العبد يسعى إلى التوبة والاستغفار، بينما الرجاء يجلب السعادة والطمأنينة، لأنه يعلم أن الله غفور رحيم.

أدلة الخوف والرجاء من القرآن الكريم

  • قوله تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البينة: 40].
  • وقوله: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].

أدلة الخوف والرجاء من السنة النبوية

  • حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" [رواه البخاري ومسلم].
  • حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" [رواه مسلم].

أهمية الخوف والرجاء

  • الخوف يجعل العبد يسعى إلى التوبة والاستغفار.
  • الرجاء يجلب السعادة والطمأنينة، لأنه يعلم أن الله غفور رحيم.
  • الموازنة بين الخوف والرجاء تجعل العبد يعبد الله بين الخوف من عقابه والرجاء في رحمته.

كيفية تحقيق الخوف والرجاء

  • التفكر في عذاب الله ورحمته: تذكر عذاب الله ورحمته، فهذا يزيد من خوفك ورجائك فيه.
  • قراءة القرآن: القرآن يذكر بعذاب الله ورحمته، وقراءته تزيد من خوفك ورجائك.
  • الدعاء: اطلب من الله أن يرزقك الخوف منه والرجاء فيه.
مقولة ابن القيم عن الخوف والرجاء: "الخوف والرجاء جناحا الإيمان، لا يطير العبد إلى الله إلا بهما. فبالخوف يهرب من سخط الله، وبالرجاء يسعى إلى رحمته. ومن جمع بينهما، فقد أخذ بطريق النجاة."

خلاصة الجزء الأول

الجزء الأول من "مدارج السالكين" يركز على المنازل الأساسية التي يجب على كل مسلم أن يتحلى بها، وهي: الإخلاص، التوكل، المحبة، والخوف والرجاء. هذه المنازل تعتبر الأساس في بناء العلاقة الصحيحة مع الله تعالى، وتؤهل المؤمن لبلوغ المنازل العليا في سيره الروحي.

كل الحقوق محفوظه لمدونة سامح العولقي بالإشتراك مع مدونة قناتك2 

التعليقات (0)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إرسال تعليق