باب الزكاه و وجوبها في الشريعة الإسلامية
شرح باب الزكاة من كتاب بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني
باب الزكاة من الأبواب الهامة في الفقه الإسلامي، حيث إن الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وقد وردت الأدلة على وجوبها من القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع. في هذا الشرح، سنتناول أحكام الزكاة كما وردت في "بلوغ المرام" مع تفصيل الأدلة والخلافات الفقهية.
أولاً: تعريف الزكاة وحكمها
1. تعريف الزكاة
الزكاة لغةً: النماء والطهارة والبركة.
شرعاً: حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص.
2. حكم الزكاة
الزكاة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع:
- من القرآن:
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: 43].
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103].
- من السنة:
حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ..." (متفق عليه)، وفيه ذكر الزكاة كأحد أركان الإسلام.
- الإجماع: أجمع العلماء على وجوب الزكاة في الأموال التي بلغت النصاب.
ثانياً: شروط وجوب الزكاة
1. الإسلام: فلا تجب على الكافر.
2. الحرية: فلا تجب على العبد عند الجمهور (لعدم تملكه).
3. ملك النصاب: أن يبلغ المال مقداراً معيناً (سيأتي تفصيله).
4. حولان الحول: أي مرور سنة هجرية على امتلاك النصاب (في الأموال غير الزرع والثمار).
5. زيادة المال عن الحوائج الأصلية: أي أن يكون المال فاضلاً عن الديون والضروريات.
ثالثاً: الأموال التي تجب فيها الزكاة
1. زكاة النقدين (الذهب والفضة)
- النصاب:
- الذهب: 20 مثقالاً (85 جراماً تقريباً).
- الفضة: 200 درهم (595 جراماً تقريباً).
- المقدار الواجب: ربع العشر (2.5%).
الدليل:
حديث علي رضي الله عنه: "لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ - يَعْنِي فِي الذَّهَبِ - حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا..." (أبو داود).
2. زكاة عروض التجارة
- كل ما أُعد للبيع والشراء بقصد الربح.
- تقوَّم السلع عند تمام الحول، ويُخرج ربع العشر من قيمتها.
3. زكاة الأنعام (الإبل، البقر، الغنم)
- الإبل: النصاب 5، وتجب فيها شاة.
- البقر: النصاب 30، وتجب فيها تبيع (ذكر سنة).
- الغنم: النصاب 40، وتجب فيها شاة.
الدليل:
حديث أنس رضي الله عنه في زكاة الإبل (متفق عليه).
4. زكاة الزروع والثمار
- النصاب: 5 أوسق (حوالي 653 كجم).
- المقدار:
- إذا سُقيت بمؤونة (تكلفة): نصف العشر (5%).
- إذا سُقيت بلا مؤونة (مطراً): العشر (10%).
الدليل:
﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141].
حديث ابن عمر: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ..." (البخاري).
5. زكاة الركاز والمعادن
- الركاز: كنز الجاهلية، فيه الخمس (20%).
- المعادن: فيها الزكاة إذا بلغت النصاب.
الدليل:
حديث أبي هريرة: "وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ" (متفق عليه).
رابعاً: مصارف الزكاة
ذكر الله تعالى مصارف الزكاة في سورة التوبة (60):
1. الفقراء: الذين لا يجدون كفايتهم.
2. المساكين: أشد حاجة من الفقراء.
3. العاملون عليها: القائمون بجمع الزكاة.
4. المؤلفة قلوبهم: الذين يُراد استمالتهم للإسلام.
5. في الرقاب: تحرير العبيد.
6. الغارمون: المدينون العاجزون عن السداد.
7. في سبيل الله: الجهاد ونحوه.
8. ابن السبيل: المسافر المحتاج.
شروط المستحق:
- أن يكون مسلماً (عند الجمهور).
- ألا يكون من آل البيت (بني هاشم).
- ألا يكون الوالد أو الولد (لا يجوز دفعها للأصول والفروع).
خامساً: أحكام متفرقة في الزكاة
1. زكاة الفطر
- تجب على كل مسلم قادر.
- مقدارها: صاع من طعام (حوالي 2.5 كجم).
- وقتها: قبل صلاة العيد.
الدليل:
حديث ابن عمر: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ..." (متفق عليه).
2. إخراج القيمة في الزكاة
- الخلاف:
- الجواز: رأي الحنفية وبعض المعاصرين.
- المنع: رأي الجمهور (المالكية، الشافعية، الحنابلة).
3. زكاة الدين
- الدين على معسر: لا زكاة فيه حتى يقبضه.
- الدين على مليء: يزكيه إذا قبضه عن سنة واحدة.
الشرح التفصيلي للنقاط الخمسة من باب الزكاة في كتاب "بلوغ المرام" مع الأدلة النقلية
النقطة الأولى: وجوب الزكاة وحكمها
أولًا: وجوب الزكاة في القرآن الكريم
وردت آيات كثيرة تدل على وجوب الزكاة، منها:
1. قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: 43].
2. قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103].
الخاتمة
باب الزكاة من الأبواب العظيمة في الإسلام، وقد بين "بلوغ المرام" أدلته من السنة النبوية الصحيحة، مما يسهل على المسلم معرفة أحكامها. والله أعلم.
كتاب " بلوغ المرام" - الحافظ العلامه إبن حجر العسقلاني
✍️ بقلم: سامح محمد ناصر العولقي
كل الحقوق محفوظه لموقع مدونة سامح العولقي بالإشتراك مع مدونة قناتك2
التعليقات (0)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق